لعلّ إثارة إعجاب المستثمرين للحصول على تمويل هو من أهم 3 تحديات يواجهها المؤسّسون عند إطلاق مشاريعهم. وهذا تحدٍ لا يواجهه المؤسسون الجدد وحسب، بل وروّاد الأعمال المتمرسون أيضاً – إلّا إذا كنا نتحدث عن من هم بمكانة إلون ماسك (ففي حالته، يتواصل المستثمرون معه وليس العكس).
لحسن الحظ، بوجود نظام بيئي ريادي دائم التطور، لا تحتاج الشركات الناشئة في البحرين ومنطقة الخليج العربي إلى بذل مجهودات كبيرة للوصول إلى المستثمرين المحليين والعالميين. فمع تأسيس الواحة – صندوق الصناديق في عام 2018، والذي هو صندوق رأس مال استثماري قيمته 100 مليون دولار، أُزيلت العقبات أمام الشركات البحرينية الناشئة في الوصول إلى المستثمرين.
والجزء المخيف من التواصل مع المستثمرين في بيئة أعمالٍ المنافسة فيها على أشدّها، هو: هل ستمتلك الفرصة لإثارة إعجاب المستثمرين أصلاً؟ فكما يقول المثل “لن تحظى أبداً بفرصة ثانية لإعطاء انطباع أول جيد عنك”.
إذن، ما الذي تفعله في مثل هذه حالة؟ حسناً، هناك بضعة استراتيجيات مجرّبة ومختبرة نافعة للغاية عندما يتعلق الأمر بعرض فكرتك على المستثمرين المحتملين.
كيف تثير إعجاب المستثمرين
# 1 لا تُضِع الوقت على “الأحاديث التافهة”
بدلاً من إضاعة الوقت بالحديث عن الطقس أو عن أحد مقاهيك المفضلة مثلاً.. ادخل في الموضوع مباشرة.
ففي نهاية المطاف، ما يهمّ المستثمرين حقاً هو كيفية قيامك ببناء ورعاية شركة ناشئة ناجحة، والتي في المقابل ستُكسبهم أرباحاً ضخمة.
يجب أن ينصبّ تركيزك على إعلام المستثمرين المعنيين بمزايا منتجك (منتجاتك) بطريقة تتسم بالمهارة والجاذبية. وعند انتهاء حديثك معهم، يجب أن يمتلكوا تصوراً واضحاً عن رؤيتك وخطة عملك
#2 كن متأكداً من القيمة السوقية لمنتجك
نحن نعلم تماماً مكانة منتجك أو ابتكارك الجديد في قلبك، وهذا أمر يمكننا تفهمه، ولكن عليك ألّا تخلط بين قيمته العاطفية وقيمته السوقية في السوق المستهدف.
ولهذا السبب عليك ألّا تقابل مستثمراً دون أن تقوم بتقييم فرص منتجك في السوق بطريقة تجريبية وغير متحيزة. فالقيام بذلك، سيُعطيك نظرة ثاقبة على أي مجال لزيادة حجم السوق المستهدف، والذي بدوره سيجعل فكرتك أكثر جاذبية للمستثمر ولهذا السبب بالتحديد، ينصح الخبراء روّاد الأعمال بالتركيز على الأفكار الكبيرة.
فمثلاً فكرة صناعة منتج يسهّل على المستخدمين متابعة صحة محركات يخوتهم الفاخرة ومتابعة استهلاك الوقود فكرة نبيلة – وهي بالتأكيد تتطلب بعض المهارات والابتكار الجاد. ولكن للأسف، قد يرفض المستثمر المعني فكرتك لتخوفه من عدم وجود الكثير من اليخوت الفاخرة في العالم لبناء شركة ضخمة كفاية. وبدلاً من ذلك، يستثمر في شركة ناشئة تقدم منتجات صحية لمرضى السكري أو الخلايا المنجلية.
#3 كن صادقاً كما أنت دوماً
كن دائماً واثقاً مما تتحدث عنه، ولا تقم أبداً بتقديم إجابة أنت لست مقتنعاً بها. بإمكانك الإجابة بجملة مثل” أنا لست متأكداً، ولكني أستطيع التحقق من الأمر والرجوع إليك.” هذه إجابة مقبولة بكل المعايير وتضيف الكثير لمصداقيتك,
ولكن عليك أن تكون على دراية ولو بأساسيات مشروعك ومجال عملك على الأقل، سواءً أكان الذكاء الاصطناعي، أو البلوكشين، أو أي مجال آخر. فعلى سبيل المثال، إن سألك المستثمر عن النمو المتوقع للسوق المستهدف على مدى السنوات القادمة ولم تعرف الإجابة، فاعلم أنك في منطقة الخطر.
#4 لا تَخُض في التفاصيل غير الضرورية
يُنصح بعدم الخوض في التفاصيل غير الضرورية أثناء عرض خطة عملك لمستثمر محتمل. ما لم يُبدوا بالطبع اهتماماً بمعرفة هذه التفاصيل.
أفضل طريقة للقيام بذلك هي بحصر نفسك بالحديث على المستوى التنفيذي، ومعرفة ما إذا كان لديهم فضول حقيقي بشأن معرفة بعض التفاصيل الدقيقة. فهناك تفاصيل لا فائدة أبداً من طرحها أو مناقشتها.
# 5 انظر للرفض بكونه رد فعل من سوق عالي القيمة
الآن، هناك أمر حتمي- فما لم تكن تعمل على علاج أكيد للسرطان أو تقوم ببناء تقنية جديدة يمكن أن تنهي إلى الأبد مشكلة نقص المياه في دول الخليج العربي، فمن المحتمل وبشدة أن تواجه الرفض بين الحين والآخر. وهذا أمر طبيعي.
يواجه العديد من روّاد الأعمال الرفض من قبل عشرات المستثمرين قبل تذوق طعم النجاح. وكمثال: قرر مؤسسا جوجل المشاركان لاري بيج وسيرجي برين بيع جوجل للتركيز على دراستهما بمبلغ منخفض قدره مليون دولار، وهو أمر قوبل بالرفض. وبعد خمسة أشهر، قررت شركتان استثمار 25 مليون دولار في جوجل، والباقي هو التاريخ.
في الختام، نود أن نؤكد مرة أخرى على أن رحلة جمع التمويل هي رحلة ليست دوماً مؤكدة بالنسبة للغالبية العظمى من روّاد الأعمال في جميع أنحاء العالم.
الرفض أمر حتمي، وإن كان امتلاك مشروع خاص وإدارته طريقاً مفروشاً بالورود فالكل سيسلك هذا الطريق. لا تنس التفكير في ذلك أثناء رحلتك في ريادة الأعمال. حظاً موفقاً!