Skip to main content

قد لا يكون هذا العنوان مستساغاً لبعض الدوائر ضمن النظام الريادي المزدهر في الشرق الأوسط، ولكن آن الأوان لنضع جميعنا حداً لتعظيم فشل الشركات الناشئة بكونه أمراً ذا بريق خاص.

لا شك أن فشل المشاريع المُطلقة حديثاً أمر لا مفر منه أحياناً. وبالتأكيد لن يكون هذا الفشل نهاية لرحلة الشركة الناشئة حتى وإن فشلت مساعيها السابقة في تحقيق أي نتائج تُذكر. فطالما يتعلم القائمون على الشركات الناشئة من أخطائهم وطالما أنهم غير مستعدين للاستسلام، فلن يكون الفشل نهاية الطريق أبداً.

وبعد ما سبق ذكره، لا يزال الفشل أمراً غير محبب ولا يجب تبجيله بكونه علامة فارقة توجب الفخر في مسيرة رائد الأعمال. هناك فرق كبير بين رؤية الفشل كناتج محتمل، وبين الاستسلام له.

وبخصوص النجاح والفشل، قال مارك أندريسين، أحد أنجح وأشهر روّاد الأعمال في وادي السيليكون، ما يلي

“نحن نتحيز للأشخاص المناضلين غير الراغبين في الاستسلام، وهو ما لا تراه مذكوراً في سيرهم الذاتية، نحن نبحث عن الشجاعة وعن الأصالة. ويدور نقاش حول مدى أهمية الفشل، والذي  قد أطلق عليه اسم تمجيد الفشل. فيقول الناس ‘إنّ الفشل رائع، فهو يعلمك الكثير، من الجيد أن تفشل كثيراً’. ولكننا نرى أن الفشل سيئ والنجاح رائع.”

سنقوم اليوم بتسليط الضوء على ثلاثة أسباب تدفعنا إلى عدم تبجيل الفشل إذا أردنا جعل الشرق الأوسط مركزاً لريادة الأعمال في العالم.

1# فشلك لا يؤثر عليك وحدك 

لنبدأ بما هو بديهي: الفشل هو أسوأ النواتج الممكنة لأي كيان تجاري هدفه جنى المال (الأرباح) وتحقيق الاستفادة القصوى من الوقت والمال المستثمرَيْن فيه. في كل مرة يفشل فيها مشروع ما، لا يقتصر التأثير على مؤسسيه؛ إذ تصل تداعياته إلى المستثمرين، والموظفين، والعملاء الذين وثقوا في المشروع

لا تعرض الشركات الناشئة على المستثمرين خطط أعمال تفصّل فيها كيفية فشلها قبل إطلاقها بالفعل؛ لذا إن لم تبدأ بمشروع هدفه خسارة المال وإيذاء موظفيك وعملائك والمستثمرين في مشروعك، فسيكون الفشل أسوأ كوابيسك، وبالتالي من غير المنطقي أبداً تبجيل الفشل. 

2# الفشل مقبول فقط في حال استطعت تخطيه لتحقيق ما هو أفضل

تخيل استاداً رياضياً ضخماً يشارك العداؤون فيه بسباق الـ 400 متر… الأجواء شديدة الحماس والمتفرجون يشجع كل منهم رياضيه المفضل… وفجأة، يتعرقل أحد العدائين ويسقط أرضاً، ولكن ليس إلّا لبضع ثوانٍ فقط، وبعد ذلك ينهض مسرعاً ويتابع الركض كما لو كانت حياته تتوقف على هذا الأمر، لينهي السباق وقد حلّ في المرتبة الثانية.

عندها جميع الحاضرين – حتى أولئك الذين شجعوا غيره – سيقفون تحية له، لا لأنه قد سقط، ولكن لأنه استطاع الوقوف مجدداً وإكمال السباق..

وهذا ينطبق على الشركات الناشئة أيضاً، فكونك مؤسس شركة ناشئة، لن تُسعد بفشل أفكارك في اجتذاب العملاء، أو بخسارتك المال وبسير الأمور على نحو مغاير لما خططت له. ولكن يحق لك الاحتفال والشعور بالسعادة فقط إن استطعت تجاوز جميع العقبات وشم رائحة النجاح!

 

3# أن تسير الأمور على النحو الخاطئ ليس أبداً مدعاة للفخر 

الفشل مقبول في ظروف بعينها، مثلاً، إن كنت لا تزال تجرب فكرة أو ابتكاراً جديداً وسارت الأمور على نحو خاطئ فهذا أمر يمكن فهمه. هذا طبيعي – يجب على الشركات الناشئة في بعض الأحيان الخروج من منطقة الراحة وتحدي الوضع الحالي.

ولكن الفشل غير مقبول بتاتاً إذا كنت تعمل ضمن نموذج أعمال يتجنب المخاطر تمت تجربته واختباره بالفعل. فسير الأمور على نحو خاطئ هنا أمر يدمر مشروعك وليس أبداً مدعاة للفخر.

الفشل في هذه الحالات يتركك في حالة متهالكة… بالطبع نحن لا نقصد تثبيط الروح الريادية لديك، ولكن لا تتوقع أن يُبجّل فشلك ويُنظر إليك كبطل. دعه يكون تجربة تتعلم منها لتخلص نفسك من الفوضى التي أوقعت نفسك فيها.

وبالعودة لما قاله أندريسين، علينا أن نعظم ونبجل روّاد الأعمال غير الراغبين في الاستسلام، بدلاً من تبجيل ما تعرضوا له من فشل. وهذا بالضبط ما علينا، مجتمع ريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الالتزام به، حتى نضمن ألّا تتسرب هذه الصيحة الغريبة لتبجيل الفشل إلى المشهد الريادي في المنطقة.