كثيرون يقولون أنّ مبرمج الروبوتات يستغرق وقتاً طويلاً ليصبح على ما هو عليه، وأنا هنا لأؤكد صحة هذا الأمر. لقد تعلمت الكثير على مدى السنتين الماضيتين، وأنا فخورة بقولي بأنني أصبحتُ أول مبرمجة روبوتات في البحرين. ودعوني أسرد عليكم قصتي.
بدأ الأمر برمته في منتصف العام 2018، وكل ما همّني وقتها تجربة شيء جديد والخروج من منطقة الراحة مهما كانت العواقب. فلطالما رغبت في بناء علامة تجارية تخصني، حيثُ يكون لدي حضوري ضمن المجتمع في تخصصي ومجال عملي.
بعد شهر واحد، وعندما كنت أبدأ الفصل الأخير من دراستي في جامعة بوليتكنك البحرين، وعند انضمامي إلى البرنامج التدريبي في بنك البحرين الإسلامي، طُلب مني تطوير حل تقني للاتصالات والمعلومات كجزء من مشروع تخرجي.
16 سبتمبر 2018، كان اليوم الذي استيقظتُ فيه وقررتُ القيام بالأمر الصحيح وتحقيق حلمي. أدركتُ أني إن خصصتُ الشهور الثلاثة القادمة لإتمام مشروع فريد، سيكون بإمكاني التقدم على غيري بسنتين أو ثلاث. ملأني الحماس والإلهام، وحالما دخلت مختبر الابتكار لدى بنك البحرين الإسلامي، توجه ناظري إلى روبوت، وكنت شديدة الإصرار على تطوير مفهوم مبتكر لأخذ الروبوت إلى مستوى جديد كلياً.
ونتيجة لذلك، طُلب مني تقديم مُقترح مشروع وعرض فكرتي على اثنين من المرشدين في بنك البحرين الإسلامي، هما: السيد عبدالسلام الأسعدي، والآنسة أسماء السيد. ولحسن الحظ وبعد أسبوع واحد، كنت قادرة على إقناع مرشديّ بأنّ حل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المُقترح كان ذا جدوى وسيحقق نجاحاً عظيماً. وكلا المرشدين وكذلك مرشد بوليتكنك البحرين، السيد علي شهباز كانوا أكثر من سعداء للتوقيع على مُقترح مشروعي، وكنت أنا على استعداد لبدء رحلتي.
وخلال مرحلة تنفيذ المشروع، واجهتني تحديات عدة من ناحية الافتقار للمعرفة في مجال الروبوتات والأخطاء البرمجية. وقد قادتني هذه الانتكاسة إلى القيام ببحث عميق، وإلى التواصل مع الخبراء من خارج البحرين، والتسجيل في الدورات التعليمية عبر الإنترنت. وهو ما لم يقم بصقل مهاراتي التقنية وحسب، بل وصقل مهاراتي الشخصية وزاد من إمكاناتي التوظيفية.
كان الزمن عاملاً حاسماً، فخلال ثلاثة أشهر كان عليّ تعلم لغات برمجة جديدة، ومكاملة ثلاث خدمات سحابية مختلفة، والتعرف على البنية التحتية لخدمات الويب من أمازون، وتطوير الروبوتات. وقد اشتمل تطوير الروبوتات على تهيئة أجهزة استشعار للتفاعل الفيزيائي، وإدماج ميزات التعرف على الصوت، وإدارة الحوار المَحكي، وذلك لتبسيط العملية لعملاء بنك البحرين الإسلامي.
وبالرغم من أنّ الجدول الزمني كان ضيقاً، فقد تمكنت من تخصيص ثلاثة شهور للمشروع. فمنذ سبتمبر 2018 وحتى يناير 2019 لم أحظَ بحياة اجتماعية على الإطلاق، وقد اُستنزفت ذهنياً وجسدياً، ولكني علمت بأنني كنت أعمل لتحقيق شيء أضخم وأفضل… لذا استحق الأمر كل هذا العناء. كانت هناك أيام اضطررتُ فيها للاستيقاظ في الرابعة صباحاً لأتأكد من استلامي أي بريد إلكتروني من المصنّع أو من الخبراء الذين كنت أتواصل معهم، ويرجع ذلك إلى اختلاف المناطق الزمنية.
وبعد إطلاق المشروع، سألني عديدون حول كيفية وسبب اتخاذي لقرار متابعة هذا المشروع في مجال الروبوتات. وأحد الدوافع المهمة وراء تنفيذي لمشروع AI-Agent في بنك البحرين، هو تسليط الضوء على الشباب البحريني وإظهار قدرتهم التامة على إدارة وتنفيذ مشاريع تشغيلية كبيرة.
يحاكي AI-Agentموظف خدمة العملاء الحقيقي في بنك البحرين الإسلامي والذي بإمكانه مساعدة العملاء بخصوص أي استفسارات أو شكاوى أو أسئلة تتعلق بخدمات البنك.
أردتُ متابعة هذا المشروع لأظهر بأنّ الخريجين البحرينيين قادرون تماماً على إنجاز المشاريع وتخطي التوقعات. العديد من الشركات في البحرين تميل إلى توظيف الأفراد الذين يمتلكون خبرة تمتد لـ 2 – 3 سنوات على الأقل. بينما تغفل غالباً عن الحقيقة المتمثلة في أنّ الاندماج بين الخريجين الجدد والشركات قد يؤدي إلى تحقيق منفعة متبادلة للطرفين؛ لأنه يحدد الفجوات في السوق ويمكّن الشباب من الابتكار.
باختصار شديد، أدركت أنّ الرضا يأتي مع العمل الجاد، لأنه وبعد ثلاثة أشهر من العناء، أجرت كل الصحف في المملكة تقريباً وكذلك تلفزيون البحرين مقابلات معي. وبالنسبة لي كان ذلك أكثر من كافٍ.
لقد فهمتُ بأن الوقت لا يفوت أبداً للبدء من جديد، وأنّ الدرجات الدراسية لا تحدد قدراتك. لطالما قال لي والداي: “اعملي بجد والناس/ الشركات ستجدك”.
لا تسمح لأحد بالتقليل من قدراتك وتابع لتحقيق حلمك. حتى وإن فشلت مرة، أو مرتين، أو ثلاث، لا تقلق لأنك ستصل في النهاية لغايتك. وفي كل مرة تفكر بالاستسلام، تذكر دوماً سبب بدئك بالأساس!