Skip to main content

تماماً كنظرائه من جميع أنحاء العالم، يغوص مؤسس الشركة البحرينية الناشئة في عالم ريادة الأعمال وهو مقتنع بامتلاكه أفضل فكرة تجارية. وهذا أمر جيد، لا سيّما وأن مؤسس الشركة الناشئة عليه ألّا يبدأ مشروعاً هو غير مقتنع به أو بإمكانياته.

ولكن، وبينما تُعتبر الثقة بالنفس من السمات الواجب وجودها لنجاح رائد الأعمال، إلّا أنه وفي بعض الأحيان من السهل الانجراف نحو الأوهام التي تولدها الثقة الزائدة. خصوصاً إن كنت جزءاً من النظام البيئي لستارتب بحرين.

في الواقع، هذه مشكلة خطيرة يواجهها العديد من مؤسسي الشركات البحرينية الناشئة الواعدة في بداية مشوارهم المهني، فكونهم مدفوعين بالوصول السهل نسبياً إلى المستثمرين، والدعم الحكومي الوفير، والبنية التحتية ذات المستوى العالمي، وبيئة الأعمال المواتية، غالباً ما يتجاهل المؤسسون بعض الأساسيات الرئيسية التي تشكل قاعدة نجاح الشركات الناشئة.

ولنعرف المزيد حول هذه البقع العمياء والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى إلحاق الأذى بالعديد من روّاد الأعمال ومؤسسي الشركات الناشئة، تحدثنا إلى ثلاث شخصيات مرموقة شهدت تطور النظام البيئي الريادي في البحرين. وهذا ما قالوه:

البقعة العمياء # 1: توقعات غير واقعية

لا شك أنّ متابعي المشهد الريادي في البحرين على مدى السنوات القليلة الماضية يألفون اسم حسين حاجي.

يتقلد حاجي الآن منصب الرئيس التنفيذي لـ Inagrab، والتي هي شركة تكنولوجية ناشئة تُحدث أثراً واضحاً في قطاع البيع بالتجزئة من خلال توفير حلول مستندة على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، لتسمح للشركات بتوسعة أعمالها بكفاءة. 

وكونه رائد أعمال متسلسل، ومؤسس عدة مشاريع ناجحة على مدى فترة طويلة من الزمن، فقد تسنى له رؤية نجاحات وإخفاقات العديد من مؤسسي الشركات الناشئة الزميلة. ووفقاً لحسين، تُعتبر التوقعات غير الواقعية حماقة شائعة تؤدي في النهاية إلى إنهاء العديد من المشاريع الواعدة.

ويشير حسين قائلاً “أعتقد بأن النقطة العمياء الرئيسية هي أنّ العديد من مؤسسي الشركات الناشئة الجديدة يبالغون في توقع النمو المحتمل لشركاتهم؛ لاعتقادهم بأن الجميع سيتبنى منتجاتهم فوراً. لذا فالتوقعات العالية هي حتماً مشكلة”.

ورأيه هذا نابع من كون العديد من مؤسسي الشركات الناشئة، يبالغون في تقدير ابتكاراتهم ومنتجاتهم. وبوضع توقعات غير واقعية، غالباً – ومن بين مشكلات أخرى-  ما يخسرون فرص التمويل.

ولتجنب الوقوع في هذا الفخ، عليك استيعاب حقيقة أنه بالرغم من احتمال وجود شركة ناشئة شبيهة بشركتك تنافسك في مجال عملك، فهذا لا يعني قدرة شركتك على احتلال مكان تلك الشركة تلقائياً. عليك تبرير التقييم الذي تبحث عنه، من خلال توفير توقعات نمو، وتقديرات استحواذ على العملاء، ونموذج إيرادات ومقاييس رئيسية أخرى تتسم جميعها بالواقعية.

البقعة العمياء #2 إجراء بحث غير كافٍ حول المنافسة

يُعد تقييم المنافسة في السوق الذي تعمل فيه طريقة ناجعة للتأكد من امتلاكك خطة نمو واقعية. صالح عباس، مدير التسويق في Flat6Labs البحرين، يرى أن هذا التقييم من الضرورات الرئيسية التي يجب على كل رائد أعمال التركيز عليها.

ولكن للأسف، وبحسب صالح فإنّ هذا من أهم الجوانب التي يُغفلها مؤسسو الشركات الناشئة، ليدفعوا ثمن غفلتهم لاحقاً.

وفي معرض حديثة لـ ستارتب بحرين، وعند سؤاله عن المشكلات الشائعة التي تعيق الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، قال صالح “إنّ معرفة منافسيك ضرورية. نحن نلتقي دوماً بمؤسسين لا يعرفون منافسيهم لا على الصعيد المحلي ولا الإقليمي ولا حتى الدولي. وإضافة إلى ذلك، فحتى وإن عرفوا منافسيهم فهم لم يجروا الأبحاث اللازمة لمعرفة نماذج الأعمال أو المنتجات الخاصة بهم. وهو ما يجعل المستثمر فاقداً للثقة في المؤسس.”

ونظراً لكونه أحد خبراء Flat6Labs البحرين ومسؤولاً عن الإشراف على تسريع الشركات في البحرين، فإنّ صالح عباس في موقع مثالي ليقيم المشهد الريادي ككل.

لذلك، احرص دوماً على إجراء أبحاث دقيقة. والطريقة الفضلى للقيام بذلك هي بمحاولة معرفة الاستراتيجيات والأرقام ونماذج الأعمال الخاصة بمنافسيك. حاول لتعرف ما الذي يجيدون القيام به.

وأثناء بحثك، عليك أيضاً معرفة ما يحبه أو يكرهه عملاؤك أو عملاؤك المحتملون، فالاستراتيجيات البسيطة ستمكنك من تحسين منتجاتك من حيث الجودة والسعر. 

البقعة العمياء #3 عدم امتلاك فريق أو مؤسسين مشاركين

 يُخيّل إلى العديد من مؤسسي الشركات الناشئة أنهم وبكونهم مؤسسين فُرادى لمشاريعهم الجديدة، فهذا يمنحهم السُلطة الكاملة. ولكن في الواقع فإنّ نهج “الذئب الوحيد” لا يلقى دوماً الصدى ذاته عند المستثمرين.

تِنمو، هي أول شركة استثمار تمويلي في البحرين، وعلى مدى سنوات أرشدت العديد من الشركات الناشئة إلى طريق النجاح من خلال إمدادها بالتوجيه وبرؤوس الأموال على حد سواء. وبالتالي، عندما يحثّ نواف الكوهجي، المدير التنفيذي في تِنمو، مؤسسي الشركات الناشئة على البحث عن مؤسسين مشاركين أكفياء يمدون يد العون، فلا شك أن كلامه في محله.

ويقول الكوهجي مفسّراً: “أعتقد بأن المؤسسين عادة ما يغفلون عن أهمية وجود فريق من المؤسسين، حيثُ يرغب المستثمرون في رؤية فريق من المؤسسين وليس مؤسساً فردياً. فأعضاء الفريق يدعم ويكملّ بعضهم البعض.”

كما أنّ وجود فريق من المؤسسين المشاركين يساعد في التخفيف من المخاطر. فإطلاق شركة ناشئة جديدة قد يشكل خطورة كبيرة أحياناً. لذا، وبشكل طبيعي، من المحتمل أن يكون وضعك أفضل إن تقاسمت تحمل المخاطر مع شخص آخر. بالإضافة إلى أن وجود فريق يساعدك في عملية اتخاذ القرار، ووضع الاستراتيجيات، من خلال تقديم أفكار جديدة قد لا تستطيع الإتيان بها بنفسك.

أثناء بحثك عن مؤسسين مشاركين لتبدأ مشروعاً جديداً، حاول أن تبحث عن شركاء يمتلكون مهارات تكمّل مهاراتك، فيكون من الأسهل تقسيم المهام بينكم.

حسناً، كانت تلك أهم البقع العمياء التي على روّاد الأعمال البحرينيين محاولة تفاديها. ألديك تجربة مع أي منها وترغب في مشاركتها مع المجتمع؟ سنُسعد بمعرفة رأيك!