Skip to main content

نُشر بالأصل على بحرين بالس، مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين.

تواصل دول الخليج العربي التحول إلى الرقمية في ظل توجه الاقتصاد نحو النموذج الريادي المتعاظم والراعي للابتكار، بالابتعاد عن النمو الذي تقوده صناعات النفط بصورة بحتة. 

وفي افتتاحية منتدى بوابة الخليج للمستثمرين والذي عُقد في مايو، وضمّ أكثر من 850 وفدًا من أكثر من 40 بلدًا، اتضح وبشكل كبير أنّ اقتصاد المنطقة يزداد تنوعًا مع زيادة عمليات الخصخصة، ومع السعي الدؤوب إلى إنشاء أسُس قوية لاقتصاد رقمي مزدهر.

تمتلك البحرين سجلًا حافلًا كدولة رائدة في تبني ورعاية التقنيات الإبداعية والتشريعات الملائمة للأعمال على المستوى الإقليمي؛ وذلك سعيًا منها لدعم تطور الاقتصاد الرقمي، ففي عام 1962، أصبحت المملكة أول بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقوم بتثبيت حاسوب رئيسي. وتلا ذلك إنشاء أول محطة فضائية في عام 1969.

وفي عام 2004، ألغت البحرين القيود المفروضة على السوق وقادت دول الخليج العربي في هذا الصدد. أمّا في عام 2006 فقد أطلقت أول بطاقات ذكية في الشرق الأوسط، تبع ذلك طرح الخدمات اللاسلكية وخدمات البرودباند المتنقل 3G  و3.5G ، وبحلول عام 2008، أطلقت البحرين أول شبكة 4G LTE عالية السرعة على مستوى البلاد.

ونتج عن كل هذه التطورات الحاصلة أن جذبت البحرين شركات من قطاعات متعددة بما في ذلك خدمات الويب من أمازون والتي قامت بإنشاء مناطق تخزين بيانات في المملكة؛ فمع تزايد المخاوف المتعلقة بالخصوصية في جميع أنحاء العالم، تزداد الحاجة إلى تنظيم معالجة البيانات الشخصية عبر القطاعين العام والخاص.

وفي هذا العام قامت البحرين بتقديم قانون منفصل تحت مسمى قانون حماية البيانات الشخصية

وقد تم تصميم هذا القانون ليكون بمثابة عامل تمكين رئيسي للتقدم والنمو المستقبلي لاقتصاد البحرين الرقمي. وباعترافه بأهمية حماية البيانات، يسعى القانون إلى مواكبة التقدم التكنولوجي عبر تعزيز معالجة فعالة وآمنة للبيانات الضخمة، ومن شأن هذا القانون تقديم بنود تتعلق بكيفية استخدام المعلومات الشخصية من قِبل الأفراد والشركات للأغراض التجارية.

ومن خلال ضمان نزاهة وسرية البيانات الشخصية، تزداد ثقة المستهلك في السوق، وهو ما سيسمح بمرور المزيد من البيانات عبر الحدود، بحيث يمكن للأفراد والشركات الاستفادة منها للنمو والتجارة.

وقد اعتمدت البحرين في صياغة قانون حماية البيانات الشخصية على توجيهات حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي للعام 1995، وعلى المبادئ المنصوص عليها في قانون حماية البيانات في المملكة المتحدة لعام 1998- وهو قانون تم قبوله على نطاق واسع ليكون رمزًا عالميًا لأفضل الممارسات.

يُظهر القانون الجديد للمستثمرين ورجال الأعمال والمستهلكين أنّ البحرين تواصل اتخاذ خطوات قوية نحو اقتصاد يعتمد على البيانات، من خلال اعتماد تنظيم قوي وشفاف لدعم التحول الرقمي على جميع الأصعدة.

ومن الأمثلة الأخرى على هذا التحول كان سياسة السحابة أولًا والتي قامت بتقديمها الحكومة البحرينية. وتُعتبر سياسة السحابة أولًا حركة استراتيجية لدمج السحابة مع كامل المؤسسات الحكومية، ما يمكّن الوزارات من تقديم خدمات إضافية للمستخدمين بفعالية أكبر، بينما تقلل من تكاليف صيانة أنظمة تكنولوجيا المعلومات بنسب تتراوح ما بين 30-90%. وتستفيد الشركات الناشئة بشكل خاص من النظام البيئي السحابي في البحرين، والذي يمكنها من التطور والارتقاء بمنتجاتها بتكاليف أقل، وهو ما يساعدها على إحداث أثر أكبر على الأسواق الموجودة.

كما ويمكن للشركات الناشئة الاستفادة من أول مختبر تنظيمي في المنطقة، والذي قام بنك البحرين المركزي بإطلاقه العام الماضي؛ لتمكين الشركات والمشاريع من اختبار المنتجات والخدمات الجديدة في بيئة آمنة. ووجود مختبر تنظيمي كهذا، بالإضافة إلى إطلاق خليج البحرين للتكنولوجيا المالية– وهو أضخم المراكز المتخصصة في التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- جعل مشهد التكنولوجيا المالية في البحرين هو الأكثر حيوية في منطقة الشرق الأوسط.

كانت تلك بعضًا من الأسباب التي جعلت منتدى الاقتصاد العالمي يمنح البحرين المرتبة الأولى في الشرق الأوسط فيما يتعلق بجاهزية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبتغلغل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين الأفراد. وعلى المستوى الفردي، منح منتدى الاقتصاد العالمي البحرين أيضًا المرتبة الـ 14 من بين 139 بلدًا على مستوى العالم.

ويعتمد الازدهار المستقبلي لمنطقة الخليج العربي على بلدان مثل البحرين، والتي تستجيب بسرعة للموجات الرقمية والتغيرات التكنولوجية التي تجتاح الاقتصاد العالمي. ومع تعميق وتوسيع الاقتصاد الرقمي، سيمكّن قانون حماية البيانات الشخصية البحرين من مواصلة اجتذاب الاستثمارات الخارجية المباشرة في كافة القطاعات، ففي عام 2017، قام مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين بتسهيل تدفق استثمارات قدره 733 مليون دولار – وهو مستوىً قياسي تم تجاوزه بالفعل هذا العام. لذلك، فليس من المستغرب أن يتضاعف حجم السوق الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أربعة مليارات دولار بحلول عام 2022.

ويُعتبر قانون حماية البيانات الشخصية دليلًا على اعتبار البحرين مركزًا لإمكانات النمو في الخليج العربي في السنوات القادمة، حيثُ باتت ظروف التجارة، والابتكار أفضل من ذي قبل – بالنسبة للبحرين، والمنطقة ككل، والعالم أجمع.

نُشر بالأصل على بحرين بالس، مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين.