على حدّ علمنا، تم الاعتراف بمملكة البحرين كمنارة للتقدم في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فقد استطاعت هذه الجزيرة الصغيرة حفر أول بئر نفطية لها في عام 1931، وبعدها كانت أول دولة خليجية تمتلك مطاراً دولياً، وقد استفادت بشكل كبير من الطفرة النفطية في سبعينيات القرن الماضي، وتم اعتبارها مركزاً مالياً رائداً طوال عقد الثمانينيات، كما وتُعرف أيضاً بكونها أكثر البلدان تحرراً في المنطقة، وهو ما يجعلها جذابة في عيون الوافدين.
ولكن في العقدين الماضيين، تباطأت الأمور في البحرين وازدهرت أسواق أخرى من جميع الجهات، وفي هذين العقدين احتلت دبي مركز الصدارة بكونها مركزاً للأعمال والاقتصاد في الخليج، واشتهرت عالمياً بفنادقها الفخمة وأبراجها المرتفعة، ويسافر السياح ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم لزيارتها مباشرة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومع ذلك، لم تتوقف البحرين أبداً ولم ترضَ بالأقل، وفي حقيقة الأمر، فعدد من التطورات الأخيرة الحاصلة في البحرين تثبت بأن المملكة في مرحلة تفخر فيها بكونها رائدة للأعمال في المنطقة وفي طليعة الابتكار. وبينما تقرأ هذا المقال، هناك توجه للترويج لريادة الأعمال، تدعمه حوافز ومبادرات رائعة من الحكومة – من خلال الاستثمارات المالية ومن خلال تبسيط وتيسير إجراءات إنشاء شركة جديدة.
وقد تسأل “من وراء هذه الحوافز؟” إنها مجموعة من المساهمين الذين اجتمعوا معاً لدعم هذه الحوافز والمبادرات ودعم وسائل التقدم في النظام البيئي الريادي، بالتركيز على المجالات المدفوعة بالتكنولوجيا مثل الحوسبة السحابية والتكنولوجيا المالية (مسرعة c5)، وإنترنت الأشياء/ الأجهزة المتصلة (مسرّعة Brinc). أمّا مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين فهو المسؤول عن استقطاب وجلب المشاريع والاستثمارات الجديدة إلى البحرين، ويأمل بتقديم الفرص للعديد من المساهمين في المشهد الريادي من خلال منصة مجتمعية هي ستارتب بحرين.
وحتى باتلكو، والتي هي واحدة من شركات الاتصالات/ مزودي الخدمات الرقمية الرائدة في المنطقة، لحقت بالركب، ففي فبراير 2018 فتحت أبواب مركز برينك-باتلكو لإنترنت الأشياء في وسط المنامة، وهو موقع يُعد ميزة في حد ذاته، فما بالك إن كان المركز مزوداً بأحدث التقنيات المتقنة للعمل مع مساحات الصناع، والتي تم تجهيزها باستخدام طابعة حديثة ثلاثية الأبعاد، وقاطع ليزر وأدوات لصناعة النماذج الإلكترونية، ليكون أول مختبر من نوعه في الجزيرة.
ونظراً لوجود مقرها الرئيسي في هونغ كونغ وبرنامجها في منطقة جريتر باي، فإن الامتداد العالمي لمسرعة برينك للأجهزة المتصلة يخلق جسراً يصل إلى الصين من شأنه تيسير تصنيع منتجات إنترنت الأشياء على نطاق واسع.
ولكن كيف للشركات البحرينية الناشئة المساهمة في تحسين وضع البحرين على المستوى الإقليمي؟ إليك 3 أمور يجب القيام بها:
- الاستفادة من المبادرات التي تقدمها المملكة والمخصصة من أجلك! – بهدف تعزيز مؤسّسي المجتمع وروّاد الأعمال، وبهدف تسريع مجموعة الشركات الناشئة لدينا، وللحلول بجدارة في المرتبة الأولى في المنطقة؛ وهو ما يجري عليه العمل حالياً – يتم حثّ الشركات الناشئة على الاستفادة من المبادرات التي يقوم بها كل من مجلس التنمية الاقتصادية و Brinc و C5 وروّاد وأعضاء مجتمع ستارتب بحرين. تعمل هذه الكيانات معاً على قدم وساق، وتقوم بكل ما بوسعها، ومجهوداتها قد آتت ثمارها، فلأول مرة منذ الطفرة المالية، بدأت المواهب تتدفق مرة أخرى إلى البلاد.
- التحلي بالإيجابية حتى عند وقوع الأسوأ – هل تعلم بأن أماكن مثل وادي السيليكون، ولندن، وبيرلين لا تعتبر الفشل أمراً سيئاً بل تراه تجربة تعليمية ممتعة تصقل المهارات وتقدم دروساً قيمة وتزيد من العزم والإصرار, يجب أن نرى الفشل كأي خطوة أخرى تقربنا من النجاح. لذا تحلّوا بالإيجابية واخرجوا من منطقة الراحة وواصلوا ارتكاب الأخطاء والتعلم منها لتحقيق الإنجازات!
- الأمر برمّته يتعلق بالمبدأ القائل “مخاطرة كبيرة، نتيجة عظيمة”- بالحديث عن منطقة الراحة، فإن كان هناك درس مستفاد علينا معرفته من الشركات الناشئة حول العالم فهو أن الفشل لا مفرّ منه (نحن جميعاً على علم بالإحصائيات الشهيرة القائلة بأن 9 من أصل 10ىشركات ناشئة يُكتب لها الفشل). ولكن لا بأس! فإن لم تكن هناك “محاولات” فلن يتم تحقيق “النتائج”. علينا أن نتوقع مواجهة بعض أشكال الفشل وننظر إليها كأي خطوة أخرى في رحلة الشركة الناشئة لتحقيق النجاح، وأن نراها فرصة للنمو والتعلم، أو فرصة لأداء دور محوري، فريادة الأعمال كالمغامرة، ولا تخلو أبداً من التقلبات – ولكن النتائج الجيدة لا حصر لها، بدءاً من النمو الشخصي غير المحدود واكتساب تجارب عمل متنوعة، وانتهاءً بالمسار السريع المحتمل لإدارة شركة دولية.
بقلم: برايوني كوبر
مستشارة ريادة الأعمال، ورئيسة برنامج انترنت الأشياء التابع لـ Brinc.io