هل تتطلع لإطلاق شركة ناشئة في البحرين؟! لقد بات الأمر أسهل بكثير من ذي قبل في معظم أجزاء الشرق الأوسط،؛ إذ تشهد المنطقة ثورة ريادية، وتتخلى تدريجياً عن اعتمادها على الاقتصاد النفطي. لذلك وإن كانت لديك فكرة رائعة لإنشاء شركة ناشئة وترغب في تنفيذها، عليك باغتنام وقتنا الحالي بجميع ميزاته.
ولكن، وكأي مشروع تجاري جديد، فإنّ نجاح الشركات الناشئة غير مضمون دائماً، إذ تشير بعض التقديرات إلى أنّ 90% من المشاريع الجديدة حول العالم يقدر لها الفشل. وبينما يتفاوت الرقم الحقيقي لدرجة ما، فإنّ هذا التوجه الأساسي واضح في المشهد الريادي في الشرق الأوسط أيضاً.
ولكن لا تشعر بالإحباط – فكما سترى، الغرض من هذه المقالة ليس تثبيط روحك الريادية، ولكن رغبة منا للإشارة إلى أنّ فشل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط تتسبب به الشركات الناشئة نفسها، ما يعني إمكانية تفاديه.
فيما يلي لائحة بأربعة أخطاء شائعة عليك تجنبها مهما كلّف الأمر لضمان قدرة شركتك الناشئة على مواجهة أقسى التحديات وتجاوزها، وتجاوز المنافسين أيضاً:
الخطأ رقم 1: تقديم منتجات حاجة السوق إليها ضعيفة أو معدومة
يجب تقديم منتجات يحتاجها الناس ويرغبون في شرائها. فملاءمة المنتج للسوق ضرورية لنجاح الشركة الناشئة، ولكن للأسف، تنجرف العديد من الشركات الناشئة في المنطقة مع فكرة المنتج وتتجاهل هذا المبدأ الأساسي.
وقد أجرت شركة Autopsy لتحليل البيانات ومقرها لندن استطلاعاً شمل 60 شركة ناشئة فاشلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخلُصت إلى أن شركة واحدة من بين أربع شركات يتعلق سبب فشلها بضعف حاجة السوق لمنتجاتها أو انعدام هذه الحاجة أصلاً. بالإضافة إلى أن 14% من الشركات تجد نفسها غير قادرة على مجاراة منافسيها في سوق مشبع بالعادة.
ولتضمن عدم ارتكاب الخطأ نفسه، أجب عن الأسئلة التالية:
- هل يقدم منتجك حلّاً جدياً لمشكلة يواجهها الناس بالعادة؟ شركات ناشئة مثل GetBaqala تُعتبر ناجحة اليوم لأنها تقدم شيئاً يستطيع الناس في المنطقة الاستفادة منه، ومن الأمثلة الجيدة الأخرى تطبيق ‘طلبات’.
- إذا كانت الإجابة على السؤال السابق بالإيجاب، اسأل نفسك إذا كان هناك منتج آخر يحل المشكلة نفسها. فعلى سبيل المثال، لن يكون إطلاق شركة ناشئة تُعنى بالتواصل الاجتماعي فكرة جيدة إذا أخذنا بعين الاعتبار صعوبة اجتذاب مستخدمي التطبيقات العملاقة في هذا الصدد مثل: فيسبوك، وتويتر، وانستغرام.
- والسؤال الأخير هو، هل السوق جاهز لمنتجك؟ فالتوقيت أمر مهم في نجاح الشركات، لأنه في بعض الأحيان يُقدّر الفشل حتى للمنتج الجيد وذلك لأن السوق المستهدف غير ناضج كفاية لاستيعاب المنتج. وكمثال، قام رائد الأعمال المتسلسل تشايس نورلين بإطلاق أول منصة إلكترونية لمشاركة الفيديوهاتShareYourWorld.com في عام 1997 – أي قبل 7 سنوات من إطلاق اليوتيوب. ولكن أغلق المشروع في عام 2001 لأن معظم المستخدمين لم يُتح لهم الوصول إلى اتصال سريع بالإنترنت يمكنهم من رفع الفيديوهات ومشاركتها.
الخطأ رقم 2: التقليل من أهمية امتلاك فريق قوي
بالرغم من أن هذا أمر بديهي، إلّا أن العديد من الشركات الناشئة تقوض أهمية بناء فريق قوي ومحفز منذ البداية. ولكن وحتى نكون عادلين، لا تقتصر هذه المشكلة على الشركات الناشئة في المنطقة بل تواجهها أكثر من 20% من الشركات الناشئة حول العالم، وذلك بحسب بحث Autopsy.
ويقول تشينجير لي مؤسس شركة Labit محذراً “اختر الناس بعناية، فحتى لو كان الموظف مهندساً لامعاً فإن افتقاره للنزاهة سيؤدي إلى فشله.”
الفِرق الجيدة ضرورة ملحة لنجاح الشركات بشكل عام، ولكن الأمر أشد أهمية إذا تعلق بالشركات الناشئة وذلك لأنها لا تستطيع تكبد الخسائر التي تستطيع الشركات الراسخة تكبدها. وعلاوة على ذلك، تمتلك الشركات الناشئة فِرقاً صغيرة، كل عضو فيها يتحمل مسؤوليات رئيسية، لذلك قد يؤدي فشل أحد الأعضاء إلى حدوث نكسة ضخمة في شهور وسنوات التأسيس الأولى.
الخطأ رقم 3: أولويات الإنفاق في غير موضعها وضعف إدارة الأموال
إن الجزء الأكثر أهمية في مهمة قيادة الشركات الناشئة هو ضمان امتلاك الشركة مقداراً أدنىً معيناً من المال في البنك بصورة دائمة.
وفي يومنا الحاضر، ونظراً لأن المشهد الريادي البحريني المتنامي ينمو بشكل مطرد، غالباً ما يربط الناس النجاح بالتألق، وهذا مفهوم خاطئ ينذر بتهور العديد من الشركات الناشئة المحلية.
ينبغي تجنب الإنفاق غير المبرر مهما كان الثمن. ويجب أن يذهب الجزء الأكبر من الأموال إلى العمليات الأساسية بما في ذلك تطوير المنتجات والبحث والتطوير والتسويق، وما إلى ذلك، ويمكن تأجيل الكماليات.
الخطأ الرابع: إنفاق كل ما تملك على استثمار واحد
يُعتبر التنوع والخطط البديلة شديدة الأهمية لنجاح الشركات الناشئة.
في المراحل الأولية، من الأفضل ألّا تتهور وتتجاوز قدراتك المادية. وحتى وإن حصل هذا، تأكد من وجود خطط بديلة في حال ساءت الأمور. مع الأسف، تتجاهل العديد من الشركات الناشئة هذه النصيحة.
وكمثال لنا أن نذكر Le Planneur وهي شركة مصرية ناشئة باتت في طور الاحتضار، هدفت إلى إحداث أثر كبير في سوق تنظيم الفعاليات. وسعياً منها للبدء بقوة، قامت الشركة بإنفاق كل مواردها على فعالية إطلاق الشركة – والذي كان حفلاً موسيقياً تراثياً ضخماً.
ولكن ما قامت به لم يُفدها في تحقيق النجاح.
يقول إبراهيم محجوب، مؤسس Le Planneur في حواره مع CairoScene “لم نقم ببيع حتى 10% من التذاكر التي كنا نتوقع بيعها، لقد اضطررنا إلى إلغاء الحفل وإغلاق الشركة بعدها لعام كامل.”
وأضاف ” لقد استثمرنا كل مالنا في نموذج العمل والذي لم نقم حتى بالإتيان به: لم تكن لدينا أدنى فكرة عن سبب شراء الناس لهذه الخدمة، فلم أمتلك أنا ولا زملائي الخبرة المطلوبة في هذا المجال.”
وأخيراً، تذكر- في أكثر الأحيان، الفشل مجرد نكسة يمكنك التعافي منها بشرط كونك مستعداً للتعلم من أخطائك السابقة. وبصفتك رائد أعمال غرّ، فأنت محظوظ للغاية لأن البحرين في يومنا الحاضر تتعاون مع الشركات الناشئة وتدعمها. وهناك الكثير من دراسات الحالة التي يجب متابعتها، والكثير من الأمثلة حول كيفية بناء ورعاية الأنشطة التجارية، والأهم من ذلك، هناك أمثلة تتعلق بكيفية إنشاء وتشغيل الشركات الناشئة.
استقِ الإلهام من الشركات الناشئة البحرينية التي تطمح للعمل على المستوى العالمي، مثل GetBaqla، وهي شركة ناشئة تهدف إلى إحداث أثر كبير في سوق توصيل البقالة، أو Skiplino، والتي هي شركة ناشئة تختص بتكنولوجيا المعلومات وأحدثت ثورة في نظام إدارة الطوابير باستخدام حلول مبتكرة قائمة على السحابة. وبما أنك تقرأ هذه المقالة، يمكنك الرجوع إلى دراسات الحالة عن الشركات الناشئة الفاشلة من المنطقة والتي تمّ ذكرها آنفاً، فهناك الكثير لتتعلمه.
فكّر في الأمر بهذه الطريقة – هناك شركات ارتكبت أخطاء عليك التعلم منها وتجنب تكرارها.